فصل: صقلاب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: آثار البلاد وأخبار العباد **


 قسطنطينية

دار ملك الروم بينها وبين بلاد المسلمين البحر الملح بناها قسطنطين بن سويروس صاحب رومية وكان في زمن شابور ذي الأكتاف وجرى بينهما محاربات استخرج الحكماء وضعها‏.‏

لم يبن مثلها قبلها ولا بعدها والحكاية عن عظمها وحسنها كثيرة وهذه صورتها‏:‏ والآن لم تبق على تلك الصورة لكنها مدينة عظيمة‏.‏

بها قصر الملك يحيط به سور دورته فرسخ له ثلثمائة باب من حديد فيه كنيسة الملك وقبتها من ذهب لها عشرة أبواب‏:‏ ستة من ذهب وأربعة من فضة‏.‏

والموضع الذي يقف فيه الملك أربعة أذرع في أربعة أذرع مرصع بالدر والياقوت والموضع الذي يقف فيه القس ستة أشبار من قطعة عود قماري‏.‏

وجميع حيطان الكنيسة بالذهب والفضة وبين يديه اثنا عشر عموداً كل عمود أربعة أذرع وعلى رأس كل عمود تمثال إما صورة آدمي أو ملك أو فرس أو أسد أو طاووس أو فيل أو جمل‏.‏

وبالقرب منه صهريج فإذا أرسل فيه الماء امتلأ يصعد الماء إلى تلك التماثيل التي على رؤوس الأساطين فإذا كان يوم الشعانين وهو عيدهم في الصهريج حياض ملؤها حوض زيتاً وحوض خمراً وحوض عسلاً وحوض ماءً ورداً وحوض خلاً وطيبوها بالمسك والقرنفل وحوض ماء صافياً‏.‏

ويغطى الصهريج بحيث لا يراه أحد فيخرج الماء والشراب والمائعات من أفواه تلك الصور فيتناول الملك وأصحابه وجميع من خرج معه إلى العيد‏.‏

وبقرب الكنيسة عمود طوله ثلاثمائة ذراع وعرضه عشرة أذرع وفوق العمود قبر قسطنطين الملك الذي بنى الكنيسة وفوق القبر تمثال فرس من صفر وعلى الفرس صنم على صورة قسطنطين على رأسه تاج مرصع بالجواهر ذكروا أنه كان تاج هذا الملك وقوائم الفرس محكمة بالرصاص على الصخرة ما عدا يده اليمنى فإنها سائبة في الهواء ويد الصنم اليمنى فإنها في الجو كأنه يدعو الناس إلى قسطنطينية وفي يده اليسرى كرة وهذا العمود يظهر في البحر من مسيرة بعض يوم للراكب في البحر واختلفت أقاويل الناس فيها‏:‏ فمنهم مني قول في يد الصنم طلسم يمنع العدو عن البلد ومنهم من يقول‏:‏ على الكرة التي بيده مكتوب‏:‏ ملكت الدنيا حتى صارت بيدي هكذا يعني كهذه الكرة وخرجت منها مبسوط اليد هكذا‏.‏

والله أعلم‏.‏

ومن عجائب الدنيا ما ذكره الهروي وهو منارة قسطنطينية وهي منارة موثقة بالرصاص والحديد وهي في الميدان إذا هبت رياح أمالتها جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً من أصل كرسيها‏.‏

ويدخل الناس الخزف والجوز في خلل بنائها فتطحنها‏.‏

وبها فنجان الساعات‏:‏ اتخذ فيه اثنا عشر باباً لكل باب مصراع طوله شبر على عدد الساعات كلما مرت ساعة من ساعات الليل أو النهار انفتح باب وخرج منه شخص ولم يزل قائماً حتى تتم الساعة فإذا تمت الساعة دخل ذلك الشخص ورد الباب وانفتح باب آخر وخرج منه شخص آخر على هذا المثال‏.‏

وذكر الروم انه من عمل بليناس الحكيم وعلى باب قصر الملك طلسم وهو ثلاثة تماثيل من صفر على صورة الخيل عملها بليناس للدواب لئلا تشغب ولا تصهل على باب الملك‏.‏قال صاحب تحفة الغرائب‏:‏ في حد خليج قسطنطينية قرية فيها بيت من الحجر وفي البيت صورة الرجال والنساء والخيل والبغال والحمير وغيرها من الحيوانات فمن أصابه وجع في عضو من أعضائه يدخل ذلك البيت ويقرب من مثل صورته ويمسح بيده مثل العضو الوجع من الصورة ثم يمسح العضو الوجع فإن وجعه يزول في الحال‏.‏

وبها قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

حكي أنه لما غزا يزيد بن معاوية بلاد الروم أخذ معه أبا أيوب الأنصاري وكان شيخاً هماً أخذه للبركة فتوفي عند قسطنطينية فأمر يزيد أن يدفن هناك ويتخذ له مشهد‏.‏

فقال صاحب الروم‏:‏ ما أقل عقل هذا الصبي‏!‏ دفن صاحبه ههنا وبنى له مشهداً ما تفكر في أنه إذا مشى نبشناه ورميناه إلى الكلاب‏!‏ فبلغ هذا القول يزيد بن معاوية قال‏:‏ ما رأيت أحمق من هذا ما تفكر في أنه إن فعل ذلك ما نترك قبراً من قبور النصارى في بلادنا إلا نبشناه ولا كنيسة إلا خربناها‏!‏ فعند ذلك قال صاحب الروم‏:‏ ما رأينا أعقل منه ولا ممن أرسله‏!‏ وهذه التربة عندهم اليوم معظمة يستصحبون فيها ويكشفون سقفها عند الاستسقاء إذا قحطوا فيغاثون‏.‏

القليب أرض قريبة من بلاد الصين‏.‏

ذكروا أن بعض التبابعة أراد غزو الصين فمات في طريقه فتخلف عنه أصحابه وأقاموا بهذه الأرض فوجدوها أرضاً طيبة كثيرة المياه والأشجار‏.‏

لهم بها مصايف ومشات يتكلمون بالعربية القديمة لا يعرفون غيرها ويكتبون بالقلم الحميري ولا يعرفون قلمنا ويعبدون الأصنام وملكهم من أهل بيت قديم لا يخرجون الملك عن أهل ذلك البيت وملكهم يهادي ملك الصين‏.‏

ولهم أحكام وحظر الزنا والفسق ومملكتهم مسيرة شهر واحد أخبر بذلك كله مسعر بن مهلهل عن مشاهدتها‏.‏

كرتنة قال العذري‏:‏ إنها مدينة كبيرة بأرض الفرنج يسكنها قوم نصف وجه كل واحد منهم أبيض في بياض مثل الثلج والنصف الآخر معتدل اللون‏.‏

كرمالة حصن بأرض الفرنج قال العذري‏:‏ حكى نصارى تلك الناحية أنه مر بهذا الحصن شيث مرتين فخرجت عليه امرأة كانت زوجة سلاب على الطريق هي وزوجها يسلبان ثياب المارين‏.‏

فخرجت المرأة على شيث مرتين وكان مستجاب الدعوة فجردته عن ثيابه وهو مطاوع لها وأعطاها حتى بلغت به نزع السراويل فعند ذلك دعا عليها فمسخت حجراً صلداً من ساعتها فأدخل في فمها زرجونة فصارت الزرجونة مطعمة‏.‏

وكل من أكل من أصل تلك الزرجونة لم يولد له ولد‏.‏

 مدينة النساء

مدينة كبيرة واسعة الرقعة في جزيرة في بحر المغرب قال الطرطوشي‏:‏ أهلها نساء لا حكم للرجال عليهن يركبن الخيول ويباشرن الحرب بأنفسهن ولهن بأس شديد عند اللقاء ولهن مماليك يختلف كل مملوك بالليل إلى سيدته ويكون معها طول ليلته ويقوم بالسحر ويخرج مستتراً عند انبلاج الفجر فإذا وضعت إحداهن ذكراً قتلته في الحال وإن وضعت أنثى تركتها وقال الطرطوشي‏:‏ مدينة النساء يقين لا شك فيها‏.‏

 مغانجة

مدينة عظيمة جداً بعضها مسكون والباقي مزروع‏.‏وهي بأرض الفرنج على نهر يسمى رين‏.‏

وهي كثيرة القمح والشعير والسلت والكروم والفواكه‏.‏

بها دراهم من ضرب سمرقند في سنة إحدى واثنتين وثلاث مائة عليها اسم صاحب السكة وتاريخ الضرب قال الطرطوشي‏:‏ ومن العجائب أن بها العقاقير التي لا توجد إلا بأقصى الشرق وانها من أقصى الغرب كالفلفل والزنجبيل والقرنفل والسنبل والقسط والخاولنجان فإنها تجلب من بلاد الهند وإنها موجودة بها مع الكثرة‏.‏

نيقية قال ابن الهروي‏:‏ إنها من أعمال استنبول‏.‏

وهي المدينة التي اجتمع بها آباء الملة المسيحية فكانوا ثلاثمائة وثمانية عشر‏.‏

آباء يزعمون أن المسيح كان معهم في هذا المجمع وهو أول المجامع لهذه الملة وبه أظهروا الأمانة التي هي أصل دينهم‏.‏

وفي بيعتها صور هؤلاء وصورة المسيح على كراسيهم‏.‏

وفي طريق هذه المدينة تل على رأسه قبر أبي محمد البطال‏.‏

والله الموفق‏.‏

 الاقليم السابع

أوله حيث يكون النهار في الاستواء سبعة أقدام ونصف وعشر وسدس قدم كما هو في الإقليم السادس لأن آخره أول هذا وآخره حيث يكون الظل نصف النهار في الاستواء ثمانية أقدام ونصفاً ونصف عشر قدم‏.‏

وليس فيه كثير عمارة إنما هو من المشرق غياض وجبال يأوي إليها فرق من الأتراك كالمستوحشين يمر على جبال باشغرت وحدود التحماكية وبلدي سوار وبلغار وينتهي إلى البحر المحيط‏.‏

وقليل من وراء هذا الاقليم من الأمم مثل ويسو وورنك ويورة وأمثالهم‏.‏

ووقع في طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الشمالي في الإقليم السادس‏.‏

وأطول نهار هؤلاء في أول الإقليم خمس عشرة ساعة ونصف وربع ساعة وأوسطه ست عشرة وآخره ست عشرة وربع وطوله من المشرق إلى المغرب ستة آلاف ميل وسبعمائة وثمانون ميلاً وأربع وخمسون دقيقة وعرضه مائة وخمسة وثمانون ميلاً وعشرون دقيقة وتكسيره ألف ألف ميل ومائتا ألف ميل وأربعة وعشرون ألف ميل وثمانمائة وأربعة وعشرون ميلاً وتسع وأربعون دقيقة‏.‏

وآخر هذا الإقليم هو آخر العمارة ليس وراءه إلا قوم لا يعبأ بهم وهم بالوحش أشبه‏.‏

ولنذكر شيئاً مما في هذا الإقليم من العمارات‏.‏

والله الموفق‏.‏جيل عظيم من الترك بين قسطنطينية وبلغار‏.‏

حكى أحمد بن فضلان رسول المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة لما أسلم فقال‏:‏ عند ذكر باشغرت وقعنا في بلاد قوم من الترك وجدناهم شر الأتراك وأقدرهم وأشدهم إقداماً على القتل فوجدتهم يقولون‏:‏ للصيف رب وللشتاء رب وللمطر رب وللريح رب وللشجر رب وللناس رب وللدواب رب وللماء رب ولليل رب وللنهار رب وللموت رب وللحياة رب وللأرض رب وللسماء رب وهو أكبرهم إلا أنه يجتمع مع هؤلاء بالاتفاق ويرضى كل واحد بعمل شريكه‏.‏

وحكي أنه رأى قوماً يعبدون الكراكي فقلت‏:‏ إن هذا من أعجب الأشياء‏!‏ وسألت عن سبب عبادتهم الكراكي فقالوا‏:‏ كنا نحارب قوماً من أعدائنا فهزمونا فصاحت الكراكي وراءهم فحسبوها كميناً منا فانهزموا ورجعت الكرة لنا عليهم فنعبدها لأنها هزمت أعداءنا‏.‏

وحكى فيه من باشغرت أن أهل باشغرت أمة عظيمة والغالب عليهم النصارى وفيهم جمع من المسلمين على مذهب الإمام أبي حنيفة ويؤدون الجزية إلى النصارى كما تؤدي النصارى ههنا إلى المسلمين‏.‏

ولهم ملك في عسكر كثير‏.‏

وأهل باشغرت في خرقاهات ليس عندهم حصون وكانت كل حلة من الحلل اقطاعاً لمتقدم صاحب شوكة‏.‏

وكان كثيراً ما يقع بينهم خصومات بسبب الإقطاعات فرأى ملك باشغرت أن يسترد منهم الإقطاعات ويجري لهم الجامكيات من الخزانة دفعاً لخصوماتهم ففعل‏.‏

فلما قصدهم التتر تجهز ملك باشغرت لالتقائهم قال المتقدمون‏:‏ لسنا نقاتل حتى ترد إلينا إقطاعاتنا‏!‏ فقال الملك‏:‏ لست أرد إليكم على هذا الوجه وأنتم إن قاتلتم فلأنفسكم وأولادكم ‏!‏ فتفرق ذلك الجمع الكثير ودهمهم سيف التتر بلا مانع وتركوهم حصيداً خامدين‏.‏

باطن الروم بها جيل كثيرون على ملة النصارى‏.‏

وهم كبني أم واحدة بينهم محبة شديدة يقال لهم الطرشلية ذكر العذري أن لهم عادات عجيبة منها أن أحدهم إذا شهد على الآخر بالنفاق يمتحنان بالسيف وذلك بأن يخرج الرجلان الشاهد والمشهود عليه بإخوتهما وعشيرتهما فيعطى كل واحد سيفين يشد أحدهما في وسطه ويأخذ الآخر بيده ويحلف الذي نسب إلى النفاق أنه بريء مما رمي به بالأيمان المعتبرة عندهم ويحلف الآخر أن الذي قال فيه حق ثم يسجد كل واحد على بعد من صاحبه نحو المشرق ثم يبرز كل واحد إلى صاحبه ويتقاتلان حتى يقتل أحدهما أو ينقاد‏.‏ومنها محنة النار فإذا اتهم أحد بالمال أو الدم تؤخذ حديدة تحمى بالنار ويقرأ عليها شيء من التوراة وشيء من الإنجيل ويثبت في الأرض عودان قائمان وتؤخذ الحديدة بالكلبتين من النار وتنزل على طرفي العودين فيأتي المتهم ويغسل يديه ويأخذ الحديدة ويمشي بها ثلاث خطوات ثم يلقيها ويربط يده برباط ويختم عليه ويوكل به يوماً وليلة فإن وجد به في اليوم الثالث نفاطة يخرج منها الما فهو مجرم وإلا فهو بريء‏.‏

ومنها محنة الماء وهي أن المتهم تربط يداه ورجلاه ويشد في حبل والقسيس يمشي به إلى ماء كثير يلقيه فيه وهو يمسك الحبل فإن طفا فهو مجرم وإن رسب فهو بريء بزعمهم أن الماء قبله‏!‏ ولا يمتحنون بالماء والنار إلا العبيد وأما الأحرار فإن اتهموا بمال أقل من خمسة دنانير يبرز الرجلان بالعصا والترس فيتضاربان حتى ينقاد أحدهما فإن كان أحد الخصمين امرأة أو اشل أو يهودياً يقيم عن نفسه بخمسة دنانير فإن وقع المتهم فلا بد من صلته وأخذ جميع ماله ويعطى المبارز من ماله عشرة دنانير‏.‏

بجنة موضع ببلاد الترك بها جبل على قلته شبه خرقاه من الحجر وداخل الخرقاه عين ينبع الماء منها وعلى ظهر الخرقاه شبه كوة يخرج الماء منها وينصب من الخرقاه إلى الجبل ومن الجبل إلى الأرض وتفوح من ذلك الماء رائحة طيبة‏.‏

برجان بلاد غائطة في جهة الشمال ينتهي قصر النهار فيها إلى أربع ساعات والليل إلى عشرين ساعة وبالعكس‏.‏

أهلها على الملة المجوسية والجاهلية يحاربون الصقالبة‏.‏

وهم مثل الإفرنج في أكثر أمورهم ولهم حذق بالصناعات ومراكب البحر‏.‏

بلغار مدينة على ساحل بحر مانيطس قال أبو حامد الأندلسي‏:‏ هي مدينة عظيمة مبنية من خشب الصنوبر وسورها من خشب البلوط وحولها من أمم الترك ما لا يعد ولا يحصى‏.‏

وبين بلغار وقسطنطينية مسيرة شهرين وبين ملوكهم قتال‏.‏

يأتي ملك بلغار بجنود كثيرة ويشن الغارات على بلاد قسطنطينية والمدينة لا تمتنع منهم إلا بالأسوار‏.‏

قال أبو حامد الأندلسي‏:‏ طول النهار ببلغار يبلغ عشرين ساعة وليلهم يبقى أربع ساعات وإذا قصر نهارهم يعكس ذلك‏.‏

والبرد عندهم شديد جداً لا يكاد الثلج ينقطع عن أرضهم صيفاً حكى أبو حامد الأندلسي أن رجلاً صالحاً دخل بلغار وكان ملكها وزوجته مريضين مأيوسين من الحياة فقال لهما‏:‏ إن عالجتكما تدخلان في ديني قالا‏:‏ نعم‏!‏ فعالجهما فدخلا في دين الإسلام وأسلم أهل تلك البلاد معهما فسمع بذلك ملك الخزر فغزاهم بجنود عظيمة فقال ذلك الرجل الصالح‏:‏ لا تخافوا واحملوا عليهم وقولوا الله أكبر الله أكبر‏!‏ ففعلوا ذلك وهزموا ملك الخزر ثم بعد ذلك صالحهم ملك الخزر وقال‏:‏ إني رأيت في عسكركم رجالاً كباراً على خيل شهب يقتلون أصحابي‏!‏ فقال الرجل الصالح‏:‏ أولئك جند الله‏!‏ وكان اسم ذلك الرجل بلار فعربوه فقالوا بلغار هكذا ذكر القاضي البلغاري في تاريخ بلغار وكان من أصحاب إمام الحرمين وملك بلغار في ذلك البرد الشديد يغزو الكفار ويسبي نساءهم وذراريهم‏.‏

وأهل بلغار أصبر الناس على البرد وسببه أن أكثر طعامهم العسل ولحم القندر والسنجاب‏.‏

وحكى أبو حامد الأندلسي أنه رأى بأرض بلغار شخصاً من نسل العاديين الذين آمنوا بهود عليه السلام وهربوا إلى جانب الشمال كان طوله أكثر من سبعة أذرع كان الرجل الطويل إلى حقوه وكان قوياً يأخذ ساق الفرس فيكسرها ولا يقدر غيره أن يكسرها بالفأس‏.‏

وكان في خدمة ملك بلغار وهو قربه واتخذ له درعاً على قدره وبيضة كأنها مرجل كبير ويأخذه معه في الحروب على عجلة لأن الجمل ما كان يحمله ويمشي إلى الحرب على عجلة كيلا يتعب من المشي ويقاتل راجلاً بخشبة في يده طويلة لا يقدر الرجل الواحد على حملها وكانت في يده كالعصا في يد أحدنا والأتراك يهابونه إذا رأوه مقبلاً إليهم انهزموا ومع ذلك كان لطيفاً مصلحاً عفيفاً‏.‏

وفي كتاب سير الملوك أن القوم الذين آمنوا بهود عليه السلام وهربوا إلى بلاد الشمال وأمعنوا فيها توجد بأرض بلغار عظامهم قال أبو حامد‏:‏ رأيت سناً واحدة عرضها شبران وطولها أربعة أشبار وجمجمة رأسه كالقبة وتوجد تحت الأرض أسنان مثل أنياب الفيلة بيض كالثلج ثقيلة في الواحدة منها مائتا من لا يدرى لأي حيوان هي فلعلها سن دوابهم تحمل إلى خوارزم‏.‏

والقفل متصلة من بلاد بلغار إلى خوارزم إلا أن طريقهم في واد من الترك ويشترى من تلك الأسنان في خوارزم بثمن جيد تتخذ منها الأمشاط والحقاق وغيرهما كما تتخذ من العاج بل هي أقوى من العاج لا تنكسر البتة‏.‏

وحكي من الأمور العجيبة أن أهل ويسو ويورا إذا دخلوا بلاد بلغار ولو في وسط الصيف برد الهواء ويصير كالشتاء يفسد زروعهم وهذا مشهور عندهم لا يخلون أحداً يدخل بلغار من أهل تلك البلاد‏.‏وبها نوع من الطير لم يوجد في غيرها من البلاد قال أبو حامد‏:‏ هو طير ذو منقار طويل يكون منقاره الأعلى مائلاً إلى اليمين ستة أشبار وإلى اليسار ستة أشبار مثل لام ألف وعند الأكل ينطبق‏.‏

ذكر أن لحمه نافع لحصاة الكلى والمثانة وإذا وقعت بيضته في الثلج أو الجمد أذابته كالنار‏.‏

 شوشيط

حصن بأرض الصقالبة فيه عين ماء ملح ولا ملح بتلك الناحية أصلاً‏.‏

فإذا احتاجوا إلى الملح أخذوا من ماء هذه العين وملأوا منه القدور وتركوها في فرن من حجارة وأوقدوا تحتها ناراً عظيمة فيخثر ويتعكر ثم يترك حتى يبرد فيصير ملحاً جامداً أبيض وبهذه الطريقة يعمل الملح الأبيض في جميع بلاد الصقالبة‏.‏

 صقلاب

أرض صقلاب في غربي الإقليم السادس والسابع‏.‏وهي أرض متاخمة لأرض الخزر في أعالي جبال الروم قال ابن الكلبي‏:‏ روم وصقلاب وأرمن وفرنج كانوا اخوة وهم بنو ليطى بن كلوخيم بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام سكن كل واحد بقعة من الأرض فسميت البقعة به‏.‏قال المسعودي‏:‏ الصقالبة أقوام مختلفة بينهم حروب لولا اختلاف كلمتهم لما قاومتهم أمة في الشدة والجرأة ولكل قوم منهم ملك لا ينقاد لغيره‏:‏ فمنهم من يكون على دين النصرانية اليعقوبية ومنهم من يكون على دين النسطورية ومنهم من لا دين له ويكون معطلاً ومنهم من يكون من عبدة النيران‏.‏

ولهم بيت في جبل ذكرت الفلاسفة أنه من الجبال العالية ولهذا البيت أخبار عجيبة في كيفية بنائه وترتيب أحجاره واختلاف ألوانها وما أودع فيه من الجواهر وما بني من مطالع الشمس في الكوي التي تحدث فيه والآثار المرسومة التي زعموا أنها دالة على الكائنات المستقبلة وما تنذر به تلك الجواهر من الآثار والحوادث قبل كونها وظهور أصوات من أعاليه وما كان يلحقهم عند سماع ذلك‏!‏ حكى أحمد بن فضلان لما أرسله المقتدر بالله إلى ملك الصقالبة وقد أسلم حمل إليه الخلع‏.‏

وذكر من الصقالبة عادات عجيبة منها ما قال‏:‏ دخلنا عليه وهو جالس على سرير مغشى بالديباج وزوجته جالسة إلى جانبه والأمراء والملوك على يمينه وأولاده بين يديه فدعا بالمائدة فقدمت إليه وعليها لحم مشوي فابتدأ الملك‏:‏ أخذ سكيناً فقطع لقمة أكلها ثم ثانية ثم ثالثة ثم قطع قطعة دفعها إلي فلما تناولتها جاؤوا بمائدة صغيرة ووضعت بين يدي وهكذا ما كان أحد يمد يده إلى الأكل حتى أعطاه الملك فإذا أعطاه الملك جاؤوا له بمائدة صغيرة وضعت بين يديه حتى قدم إلى كل واحد مائدة لا يشاركه فيها أحد‏.‏

فإذا فرغوا من الأكل حمل كل واحد مائدته معه إلى بيته‏.‏

ومنها أن كل من دخل على الملك من كبير أو صغير حتى أولاده وإخوته فساعة وقوع نظرهم عيه أخذ قلنسوته وجعلها تحت إبطه فإذا خرج من عنده لبسها وإذا خرج الملك لم يبق أحد في الأسواق والطرقات إلا قام وأخذ قلنسوته من رأسه وجعلها تحت إبطه حتى إذا جاوزهم تقلنسوا بها‏.‏

ومنها أنه إن رأوا أحداً عليه سلاحه وهو يبول أخذوا سلاحه وثيابه وجميع ما معه وحملوا ذلك على جهله وقلة درايته ومن جعل سلاحه ناحية حملوا ذلك على درايته ومعرفته ولم يتعرضوا له‏.‏

ومنها ما ذكر أنه قال‏:‏ رأيت الرجال والنساء ينزلون في النهر ويغتسلون عراة لا يستتر بعضهم من بعض ولا يزنون البتة‏.‏

والزنا عندهم من أعظم الجرائم ومن زنى منهم كائناً من كان ضربوا له أربع سكك وشدوا يديه ورجليه إليها وقطعوا بالفأس من رقبته إلى فخذيه وكذلك بالمرأة ويفعلون مثل ذلك بالسارق أيضاً‏.‏

ومنها ما ذكره أبو حامد الأندلسي أن أحدهم إذا تعرض لجارية الغير أو ولده أخذ منه جميع ما يملكه فإن كان فقيراً يباع عليه أولاده فإن لم يكن له أولاد يباع عليه نفسه فلا يال يخدم لمولاه حتى يفدي أحد عنه‏.‏

وإذا عامل أحد منهم غريباً وأفلس يباع عليه أهله وولده ومسكنه ونفسه ويقضى دين الغريب وهؤلاء نصارى نسطورية‏.‏

ومنها أنه يظهر في كل عشرين سنة عندهم السحر من العجائز فيقع بسبب ذلك فساد كثير بين الناس فيأخذون كل عجوز وجدوها في بلادهم ويشدون أيديهن وأرجلهن وفهم نهر عظيم يلقونهن في ذلك النهر فالتي طفت على الماء علموا أنها ساحرة فأحرقوها والتي رسبت علموا أنها ليست بساحرة فسيبوها‏.‏

ومنها أن الرجل إذا صار صاحب ولد قام بأمره حتى يحتلم فإذا احتلم دفع إليه قوساً ونشاشيب ويقول‏:‏ مر احتل لنفسك‏!‏ ويخرجه من عنده ويجعله بمنزلة الغريب الأجنبي‏.‏

ومنها أن بناتهم الأبكار يخرجن مكشوفات الرأس ويراهن كل أحد فمن رغب في واحدة منهن ألقى على رأسها خماراً فصارت زوجة له فلا يمنعه عنها أحد فيتزوج عشرين أو أكثر ولهذا عددهم كثير لا يحصى‏.‏

بها نهر ماؤه أسود مثل ماء بحر الظلمات إلا أنه عذب وليس فيه شيء من السمك‏.‏

وبه الحيات الكبار السود وليس فيها أذية‏.‏

وفي هذا النهر السمور وهو حيوان أصغر من السنور شعره في غاية النعومة يقال له سنور الماء وفي هذا النهر منه كثير جداً يحمل جلده إلى سقسين وبلغار يتعاملون عليه وإنه فروة ناعمة جداً‏.‏

مشقة مدينة واسعة في بلاد الصقالبة على طرف البحر بين آجام لا يمكن مرور العساكر فيها‏.‏

اسم ملكها مشقة سميت باسمه وهي مدينة كثيرة الطعام والعسل واللحم والسمك ولملكها أجناد رجالة لأن الخيل لا تمشي في بلادهم‏.‏

وله جبايات في مملكته يعطي لأجناده كل شهر أرزاقهم وعند الحاجة يعطيهم الخيل والسرج واللجم والسلاح وجميع ما يحتاجون إليه فمن ولد أجرى الملك عليه رزقه ذكراً كان أو أنثى فإذا بلغ المولود فإن كان ذكراً زوجه وأخذ من والده المهر وسلمه إلى والد المرأة‏.‏

والمهر عندهم ثقيل فإذا ولد للرجل ابنتان أو ثلاث صار غنياً وإن ولد له ابنان أو ثلاثة صار فقيراً‏.‏

والتزويج برأي ملكهم لا باختيارهم والملك يتكفل بجميع مؤوناتهم ومؤونة العرس عليه وهو مثل الوالد المشفق على رعيته وهؤلاء غيرتهم على نسائهم شديدة بخلاف سائر الأتراك‏.‏

واطر بورونة حصن حصين بأرض الصقالبة قريب من حصن شوشيط بها عين ماء عجيبة تسمى عين العسل وهي في جبل بقرب شعرا مذاق مائها في المبدإ مذاق العسل وعند مقطعه فيه عفوصة اكتسبت ذلك الطعم من الأشجار النابتة حولها‏.‏

ورنك موضع على طرف البحر الشمالي‏.‏

وذلك أن البحر المحيط من جانب الشمال خرج منه خليج إلى نحو الجنوب فالموضع الذي على طرف ذلك الخليج يسمى به الخليج يقال له بحر ورنك‏.‏

وهو أقصى موضع في الشمال البرد به عظيم جداً والهواء غليظ والثلج دائم‏.‏

لا يصلح للنبات ولا للحيوان‏.‏

قلما يصل إليه أحد من شدة البرد والظلمة والثلج‏.‏

والله أعلم‏.‏

ويسو بلاد وراء بلاد بلغار بينهما مسيرة ثلاثة أشهر‏.‏

ذكروا أن النهار يقصر عندهم حتى لا يرون شيئاً من الظلمة ثم يطول الليل حتى لا يرون شيئاً من الضوء‏.‏

وأهل بلغار يحملون بضائعهم إليها للتجارة وكل واحد يجعل متاعه في ناحية ويعلم عليه ويتركه ثم يرجع إليه فيجد إلى جنبه متاعاً يصلح لبلاده فإن رضي بها أخذ العوض وترك متاعه وإن لم يرض أخذ متاعه وترك العوض ولا يرى البائع المشتري ولا المشتري البائع كما ذكرنا في بلاد الجنوب بأرض السودان‏.‏

وأهل ويسو لا يدخلون بلاد بلغار لأنهم إذا دخلوها تغير الهواء وظهر البرد وإن كان في وقت الصيف فيهلك حيوانهم ويفسد نباتهم‏.‏

وأهل بلغار يعرفون ذلك فلا يمكنونهم من دخول بلادهم‏.‏

يأجوج ومأجوج قبيلتان عظيمتان من الترك من ولد يافث بن نوح عليه السلام‏.‏

مسكنهم شرقي الإقليم السابع‏.‏

روى الشعبي أن ذا القرنين لما وصل إلى أرض يأجوج ومأجوج اجتمع إليه خلق كثير واستغاثوا من يأجوج ومأجوج وقالوا‏:‏ أيها الملك المظفر إن وراء هذا الجبل أمماً لا يحصيهم إلا الله يخربون ديارنا ويأكلون زروعنا وثمارنا ويأكلون كل شيء حتى العشب ويفترسون الدواب افتراس السباع ويأكلون حشرات الأرض كلها ولا ينمو خلق مثل نمائهم لا يموت أحدهم حتى يولد له ألف من الولد‏!‏ قال ذو القرنين‏:‏ كم صنفهم قالوا‏:‏ هم أمم لا يحصيهم إلا الله‏.‏

وأما من قربت منازلهم فست قبائل‏:‏ يأجوج ومأجوج وتأويل وتاريس ومنسك وكمادى‏.‏

وكل قبيلة من هؤلاء مثل جميع أهل الأرض وأما من كان منا بعيداً فإنا لا نعرفهم‏.‏

قال ذو القرنين‏:‏ وما طعامهم قالوا‏:‏ يقذف البحر إليهم في كل عام سمكتين ويكون بين رأس كل سمكة وذنبها أكثر من مسيرة عشرة أيام ويرزقون من التماسيح والثعابين والتنانين في أيام الربيع وهم يستمطرونها كما يستمطر الغيث فإذا مطروا بذلك أخصبوا وسمنوا وإذا لم يمطروا بذلك أجدبوا وهزلوا‏.‏

قال ذو القرنين‏:‏ وما صفتهم قالوا‏:‏ قصار ضلع عراض الوجوه مقدار طولهم نصف قامة رجل مربوع ولهم أنياب كأنياب السباع ومخالب مواضع الأظفار ولهم صلب عليه شعر ولهم أذنان عظيمتان‏:‏ إحداهما على ظاهرها وبر كثير وباطنها أجرد والأخرى على باطنها وبر كثير وظاهرها أجرد تلتحف إحداهما وتفترش الأخرى‏.‏

وعلى بدنهم من الشعر مقدار ما يواريه وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلب ويتسافدون حيث التقوا تسافد البهائم‏.‏

جاء في بعض الأخبار أن يأجوج ومأجوج ينحتون السد كل يوم حتى يكادون يرون الشمس من ورائه فيقول قائلهم‏:‏ ارجعوا سوف ننقبه غداً فيرجعون فيعيده الله تعالى ليلتهم كما كان ثم يحفرونه وينحتونه من الغد كذلك كل يوم وليلة إلى أن يأتي وقت خروجهم فيقول قائلهم‏:‏ ارجعوا سننقبه غداً إن شاء الله تعالى‏!‏ فيبقى رقيقاً إلى أن يعودوا إليه من غدهم فيرونه كذلك فينقبونه ويخرجون على الناس فيشربون مياه الأرض حتى ينشفوها ويتحصن الناس بحصونهم فيظهرون على الأرض ويقهرون من وجدوه فإذا لم يبق أحد لهم رموا بالنشاب إلى السماء فيرجع إليهم وفيها كهيئة الدم فيقولون‏:‏ قد غلبنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء‏!‏ ثم إن الله تعالى يبعث إليهم دوداً يقال له النغف يدخل في آذانهم ومناخرهم فيقتلهم قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن من لحومهم‏!‏ روى أبو سعيد الخدري قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ يفتح سد يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال تعالى‏:‏ وهم من كل حدب ينسلون‏.‏

فيغشون الأرض كلها فينحاز المسلمون إلى حصونهم ويضمون إليهم مواشيهم فيشرب يأجوج ومأجوج مياه الأرض فيمر أوائلهم بالنهر فيشربون ما فيه ويتركونه يابساً فيمر به من بعدهم ويقولون‏:‏ لقد كان ههنا مرة ماء‏!‏ ولا يبقى أحد من الناس إلا من كان في حصن أو جبل شامخ أو وزر فيقول قائلهم‏:‏ قد فرغنا من أهل الأرض بقي من في السماء‏.‏

ثم يهز حربته فيرمي نحو السماء فترجع إليهم مخضوبة بالدم للبلاء والفتنة فيقولون‏:‏ قد قتلنا أهل السماء‏!‏ فبينا هم كذلك إذ سلط الله تعالى عليهم دوداً مثل النغف يدخل آذانهم وقيل ينقب آذانهم أو أعناقهم فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس ولا حركة البتة‏!‏ فيقول المسلمون‏:‏ ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء فيتجرد رجل منهم موطن نفسه من القتل فينزل إلى الأرض فيجدهم موتى بعضهم فوق بعض فينادي‏:‏ يا معشر المسلمين ابشروا فقد كفاكم الله عدوكم‏!‏ فيخرجون من حصونهم ومعاقلهم‏.‏

وروي أن الأرض تنتن من جيفهم فيرسل الله مطراً يسيل منه السيول فيحمل جيفهم إلى البحار‏.‏

وروي أن مدتهم أربعون يوماً وقبل سبعون يوماً وقيل أربعة أشهر‏.‏

وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد ولا يمرون بفيل ولا خنزير ولا جمل ولا وحشي ولا دابة إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه أيضاً مقدمتهم بالشام وساقيهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية‏.‏

 يورا

بلاد بقرب بحر الظلمات‏.‏قال أبو حامد الأندلسي‏:‏ قال بعض التجار‏:‏ النهار عندهم في الصيف طويل جداً حتى ان الشمس لا تغيب عنهم مقدار أربعين يوماً‏.‏

في الشتاء ليلهم طويل جداً حتى تغيب الشمس عنهم مقدار أربعين يوماً والظلمات قريبة منهم‏.‏

وحكي أن أهل يورا يدخلون تلك الظلمة بالضوء فيجدون شجرة عظيمة مثل قرية كبيرة وعليها حيوان يقولون انه طير وأهل يورا ليس لهم زرع ولا ضرع بل عندهم غياض كثيرة وأكلهم منها ومن السمك والطريق إليهم في أرض لا يفارقها الثلج أبداً‏.‏

وحكي أن أهل بلغار يحملون السيوف من بلاد الإسلام إلى ويسو وهي سيوف لم يتخذ لها نصاب ولا حلي بل تصل كما تخرج من النار وتسقى فإن علق السيف بخيط ونقر بإصبع سمع له طنين فذلك السيف يصلح أن يحمل إلى بلاد يورا ويشتريه أهل يورا بثمن بالغ ويرمونه في البحر المظلم‏.‏

فإذا فعلوا ذلك أخرج الله لهم من البحر سمكة مثل الجمل العظيم تطردها سمكة أخرى أكبر منها تريد أكلها فتهرب منها حتى تقرب من الساحل فتصير في موضع لا يمكنها الحركة فيه فتتشبث بالرمل فيعرف أهل يورا فيذهبون إليها في المراكب فكل من ألقى السيف يجتمع عليها ويقطع من لحمها‏.‏

وربما يكثر ماء البحر بالمد فترجع السمكة إلى البحر بعدما قطع منها من اللحم ما يملأ ألف بيت وربما تبقى عندهم زماناً طويلاً مؤونتهم فيقطعون منها وإذا لم يبق في البحر من تلك السيوف لم تخرج لهم السمكة فيكون عندهم الجدب والقحط‏.‏

وحكي أن في بعض السنين خرجت عليهم هذه السمكة فاجتمع القوم عليها ونقبوا أذنها وجعلوا فيها حبلاً ومدوها إلى الساحل فانفتحت أذن السمكة وخرجت من داخلها جارية طير وأهل يورا ليس لهم زرع ولا ضرع بل عندهم غياض كثيرة وأكلهم منها ومن السمك والطريق إليهم في أرض لا يفارقها الثلج أبداً‏.‏

وحكي أن أهل بلغار يحملون السيوف من بلاد الإسلام إلى ويسو وهي سيوف لم يتخذ لها نصاب ولا حلي بل تصل كما تخرج من النار وتسقى فإن علق السيف بخيط ونقر بإصبع سمع له طنين فذلك السيف يصلح أن يحمل إلى بلاد يورا ويشتريه أهل يورا بثمن بالغ ويرمونه في البحر المظلم‏.‏

فإذا فعلوا ذلك أخرج الله لهم من البحر سمكة مثل الجمل العظيم تطردها سمكة أخرى أكبر منها تريد أكلها فتهرب منها حتى تقرب من الساحل فتصير في موضع لا يمكنها الحركة فيه فتتشبث بالرمل فيعرف أهل يورا فيذهبون إليها في المراكب فكل من ألقى السيف يجتمع عليها ويقطع من لحمها‏.‏

وربما يكثر ماء البحر بالمد فترجع السمكة إلى البحر بعدما قطع منها من اللحم ما يملأ ألف بيت وربما تبقى عندهم زماناً طويلاً مؤونتهم فيقطعون منها وإذا لم يبق في البحر من تلك السيوف لم تخرج لهم السمكة فيكون عندهم الجدب والقحط‏.‏

وحكي أن في بعض السنين خرجت عليهم هذه السمكة فاجتمع القوم عليها ونقبوا أذنها وجعلوا فيها حبلاً ومدوها إلى الساحل فانفتحت أذن السمكة وخرجت من داخلها جارية طير وأهل يورا ليس لهم زرع ولا ضرع بل عندهم غياض كثيرة وأكلهم منها ومن السمك والطريق إليهم في أرض لا يفارقها الثلج أبداً‏.‏

وحكي أن أهل بلغار يحملون السيوف من بلاد الإسلام إلى ويسو وهي سيوف لم يتخذ لها نصاب ولا حلي بل تصل كما تخرج من النار وتسقى فإن علق السيف بخيط ونقر بإصبع سمع له طنين فذلك السيف يصلح أن يحمل إلى بلاد يورا ويشتريه أهل يورا بثمن بالغ ويرمونه في البحر المظلم‏.‏

فإذا فعلوا ذلك أخرج الله لهم من البحر سمكة مثل الجمل العظيم تطردها سمكة أخرى أكبر منها تريد أكلها فتهرب منها حتى تقرب من الساحل فتصير في موضع لا يمكنها الحركة فيه فتتشبث بالرمل فيعرف أهل يورا فيذهبون إليها في المراكب فكل من ألقى السيف يجتمع عليها ويقطع من لحمها‏.‏

وربما يكثر ماء البحر بالمد فترجع السمكة إلى البحر بعدما قطع منها من اللحم ما يملأ ألف بيت وربما تبقى عندهم زماناً طويلاً مؤونتهم فيقطعون منها وإذا لم يبق في البحر من تلك السيوف لم تخرج لهم السمكة فيكون عندهم الجدب والقحط‏.‏

وحكي أن في بعض السنين خرجت عليهم هذه السمكة فاجتمع القوم عليها ونقبوا أذنها وجعلوا فيها حبلاً ومدوها إلى الساحل فانفتحت أذن السمكة وخرجت من داخلها جارية تشبه الآدميين بيضاء حمراء سوداء الشعر عجزاء من أحسن النساء وجهاً فأخذها أهل يورا وأخرجوها إلى البر وهي تضرب وجهها وتنتف شعرها وتصيح وقد خلق الله تعالى في وسطها جلداً ضعيفاً كالثوب من سرتها إلى ركبتها لستر عورتها فبقيت عندهم مدة‏.‏

وأهل يورا إن لم يلقوا السيف في البحر لا تخرج السمكة فيجوعون لأن قوتهم من هذا‏.‏

إلى ههنا انتهى علم أهل بلادنا والله أعلم بما وراء ذلك من البلاد والبحار‏.‏

وليكن هذا آخر الكلام‏.‏